السودان على مفترق طرق: رفض البرهان للوساطة الدولية يفاقم الأزمة
الهدوء الهش الذي خيم على السودان، والذي كان يرافق جهودًا دبلوماسية مكثفة، انهار فجأة مع إعلان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، رفضه القاطع لمبادرة الوساطة الرباعية الدولية. هذا الرفض، الذي أتى في توقيت بالغ الحساسية، يهدد بتصعيد الأزمة السودانية إلى مستويات أكثر تعقيدًا، ويضع مستقبل البلاد أمام علامات استفهام كبيرة.
ما هي مبادرة الرباعية الدولية؟
تضم مبادرة الرباعية الدولية كلاً من المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، والإمارات العربية المتحدة، وجامعة الدول العربية. تهدف المبادرة إلى جمع الأطراف المتنازعة – الجيش وقوات الدعم السريع – على طاولة المفاوضات، بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإعادة بناء الدولة السودانية، وتحديد مسار نحو انتقال ديمقراطي.
لماذا رفض البرهان الوساطة؟
لم يقدم البرهان حتى الآن تفسيراً مفصلاً لرفضه، لكن مصادر مقربة من الجيش تشير إلى أن الرفض يعود إلى عدة عوامل. من بينها، عدم ثقة الجيش في حيادية بعض الأطراف الدولية، وشعوره بأن الوساطة لا تراعي المصالح الأمنية للجيش، بالإضافة إلى مخاوف من أن تكون الوساطة محاولة لتقويض سلطة الجيش.
“فزاعة الإخوان” وتأثيرها على المشهد
يشير مراقبون إلى أن رفض البرهان قد يكون مرتبطًا أيضًا بخلفية سياسية أعمق، تتمثل في محاولات تصوير قوات الدعم السريع على أنها امتداد لجماعة الإخوان المسلمين. هذه “الفزاعة” – كما يصفها البعض – تهدف إلى حشد الدعم الشعبي للجيش، وتبرير مواقفه المتشددة. الخوف من عودة نفوذ الإخوان، الذي كان حاضرًا بقوة في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل المواقف السياسية في السودان.
تداعيات الرفض وتوقعات المستقبل
الآن، وبعد رفض البرهان، يواجه السودان سيناريوهات قاتمة. من المرجح أن تستمر المعارك العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما سيؤدي إلى المزيد من الخسائر في الأرواح، وتفاقم الأزمة الإنسانية. كما أن رفض الوساطة الدولية قد يعزل السودان دوليًا، ويؤثر سلبًا على فرص الحصول على المساعدات الإنسانية والاقتصادية.
- تصعيد محتمل: استمرار القتال وتوسعه ليشمل مناطق جديدة.
- أزمة إنسانية متفاقمة: زيادة أعداد النازحين واللاجئين، ونقص الغذاء والدواء.
- عزلة دولية: صعوبة الحصول على الدعم الدولي.
هل يتحدى البرهان “خط ترامب الأحمر”؟
البعض يرى في رفض البرهان تحديًا ضمنيًا للمجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر من أبرز الداعمين للوساطة. هذا التحدي قد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم سياستها تجاه السودان، واتخاذ إجراءات أكثر صرامة للضغط على البرهان. المستقبل يحمل في طياته الكثير من الغموض، لكن المؤكد هو أن السودان يقف على حافة الهاوية، وأن أي خطأ قد يدفع البلاد إلى فوضى شاملة.