السودان بين رصاص البدايات وقرارات النهايات.. لمن الحسم؟

السودان على مفترق طرق: من يملك زمام إنهاء الصراع؟

لم يعد الجدل حول من أطلق الرصاصة الأولى في السودان هو القضية الأكثر إلحاحًا. فبينما تتطاير الاتهامات بين الجيش وقوات الدعم السريع، يغرق السودان في دوامة عنف تهدد بتقويض الدولة ونسف آماله في مستقبل ديمقراطي. السؤال الحقيقي الذي يطرح نفسه اليوم ليس من أشعل فتيل الحرب، بل من يمتلك القدرة على إطفائها، ومن يملك قرار الرصاصة الأخيرة التي ستنهي هذا الكابوس؟

أزمة سلطة متجذرة

الصراع الدائر ليس وليد اللحظة، بل هو تتويج لتراكمات سنوات من التوتر بين المؤسسة العسكرية وقوات الدعم السريع. فبعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في عام 2019، دخل السودان مرحلة انتقالية مضطربة شهدت صراعًا خفيًا على السلطة بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

الاتفاق السياسي الذي رعته قوى دولية كان يهدف إلى دمج قوات الدعم السريع في الجيش، لكن هذه العملية شابها التعثر والخلافات حول الجدول الزمني وطبيعة الاندماج. هذه الخلافات، بالإضافة إلى التنافس على النفوذ والموارد، أدت في النهاية إلى اندلاع الاشتباكات المسلحة في منتصف أبريل الماضي.

غياب سلطة مركزية حاسمة

أحد أبرز التحديات التي تواجه السودان اليوم هو غياب سلطة مركزية قوية قادرة على فرض سيطرتها على الأرض واتخاذ قرارات حاسمة. فبينما يتبادل الطرفان الاتهامات بخرق الهدنات، تتصاعد وتيرة العنف في الخرطوم وولايات أخرى، مما يعيق جهود الوساطة الدولية والإقليمية.

  • الوساطة الدولية: بذلت العديد من الدول والمنظمات الدولية جهودًا مكثفة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكن هذه الجهود لم تحقق حتى الآن نتائج ملموسة.
  • الدور الإقليمي: لعبت دول الجوار، مثل مصر والسعودية، دورًا في محاولة التوسط بين الطرفين، لكنها تواجه صعوبات في إقناعهم بالالتزام بوقف دائم لإطلاق النار.
  • المجتمع المدني: يحاول المجتمع المدني السوداني لعب دور في الضغط على الطرفين للعودة إلى طاولة المفاوضات، لكنه يواجه تحديات كبيرة بسبب الوضع الأمني المتدهور.

مستقبل غامض

مع استمرار القتال وتصاعد الخسائر البشرية، يزداد القلق بشأن مستقبل السودان. فالصراع لا يهدد فقط وحدة البلاد، بل يهدد أيضًا بتقويض جهود التنمية والاستقرار الإقليمي. إن إنهاء الحرب يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الطرفين، بالإضافة إلى تدخل دولي وإقليمي فعال لفرض وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في السودان.

السودان يقف اليوم على مفترق طرق، ومصيره معلق بقرار من يملك الرصاصة الأخيرة. فهل ستكون هذه الرصاصة بداية لمرحلة جديدة من السلام والازدهار، أم ستكون نهاية لأمل السودانيين في مستقبل أفضل؟

Scroll to Top