أثار موقف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي عبر عنه خلال زيارته لواشنطن، تساؤلات حول مستقبل تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وربطه بشكل مباشر بالتقدم نحو حل الدولتين للقضية الفلسطينية. هذه الزيارة، الأولى له إلى العاصمة الأمريكية منذ سبع سنوات، لم تكن مجرد لقاء دبلوماسي تقليدي، بل حملت في طياتها رسالة واضحة حول الشروط التي تضعها الرياض للانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.
شروط الرياض للانضمام للاتفاقيات الإبراهيمية
أكد الأمير محمد بن سلمان رغبة المملكة في أن تكون جزءًا من الاتفاقيات الإبراهيمية، التي توسطت فيها الولايات المتحدة وتقضي بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، مثل الإمارات والبحرين والمغرب. لكنه شدد على أن هذا الانضمام مشروط بوجود “خريطة طريق واضحة” نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفقًا لحل الدولتين. هذا الشرط يمثل تحولًا ملحوظًا في موقف السعودية، التي كانت تقليديًا تضع القضية الفلسطينية في صميم سياستها الخارجية.
أهمية حل الدولتين
حل الدولتين، الذي يهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، يعتبره المجتمع الدولي الأساس لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن عملية السلام المتعثرة، واستمرار البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، أدت إلى تآكل هذا الحل وتقويض فرصه في التحقيق. إصرار الأمير محمد بن سلمان على ضرورة وجود خريطة طريق واضحة يعكس قلقه من أن التطبيع مع إسرائيل قد يتم على حساب القضية الفلسطينية.
السياق الإقليمي والدولي
تأتي هذه التصريحات في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة. فمن جهة، تشهد المنطقة جهودًا أمريكية مكثفة لإعادة إحياء عملية السلام، في ظل تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. ومن جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز تحالفاتها في المنطقة لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد. الانضمام السعودي للاتفاقيات الإبراهيمية سيكون بمثابة مكسب استراتيجي كبير للإدارة الأمريكية، لكنه يتطلب تلبية شروط الرياض.
تداعيات محتملة
قد يكون لهذا الموقف السعودي تداعيات كبيرة على مستقبل الاتفاقيات الإبراهيمية. فإذا لم يتم إحراز تقدم ملموس نحو حل الدولتين، فقد يؤدي ذلك إلى تأجيل أو حتى إلغاء أي تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل. كما أن هذا الموقف قد يشجع دولًا عربية أخرى على ربط تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بتقدم في القضية الفلسطينية. في المقابل، قد يواجه الأمير محمد بن سلمان ضغوطًا من الإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين لتخفيف شروطه والمضي قدمًا في عملية التطبيع.
الوضع الحالي يشير إلى أن مستقبل العلاقات السعودية الإسرائيلية سيكون مرتبطًا بشكل وثيق بالتطورات السياسية على الساحة الفلسطينية، وجهود تحقيق حل الدولتين. ويبدو أن الرياض تضع القضية الفلسطينية في قلب حساباتها، وتعتبرها مفتاحًا أساسيًا لأي تطبيع محتمل مع إسرائيل.