مصادر: ترامب لم يحسم بعد قراره بشأن “هجوم فنزويلا”

يبدو أن العالم بأسره يترقب قراراً قد يغير مسار الأحداث في أميركا اللاتينية، فبينما تتصاعد التوترات في فنزويلا، لا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حيرة من أمره بشأن إطلاق العنان لتدخل عسكري بري. هذه المعضلة الاستراتيجية، التي تحمل في طياتها تداعيات إقليمية ودولية جسيمة، تشغل أروقة البيت الأبيض وتثير جدلاً واسعاً حول طبيعة التدخل الأميركي المحتمل.

تفيد مصادر مطلعة، نقلتها شبكة “سي إن إن” الأميركية، أن ترامب لم يتخذ بعد قراره النهائي بخصوص شن هجوم بري على فنزويلا. هذه المعلومات تأتي من مسؤول رفيع في البيت الأبيض وعدد من المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى، مما يضفي عليها طابع الجدية والموثوقية. القرار قيد الدراسة يمثل خطوة تصعيدية كبرى تتجاوز العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي فرضتها واشنطن على نظام نيكولاس مادورو.

الأزمة الفنزويلية: سياق التدخل المحتمل

تأتي مناقشات البيت الأبيض في خضم أزمة سياسية واقتصادية وإنسانية خانقة تشهدها فنزويلا منذ سنوات. فالبلاد تعاني من انهيار اقتصادي غير مسبوق، ونقص حاد في السلع الأساسية والأدوية، وتضخم جامح، مما دفع بالملايين من مواطنيها إلى النزوح. وتدعم الولايات المتحدة المعارضة الفنزويلية بقيادة خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً انتقالياً، وتعتبر حكومة مادورو غير شرعية، داعية إياه للتنحي ومؤكدة أن “جميع الخيارات مطروحة على الطاولة” للتعامل مع الوضع.

لطالما كانت عبارة “جميع الخيارات مطروحة” تستخدم كإنذار مبطن يشمل إمكانية التدخل العسكري. ومع ذلك، فإن الحديث عن “هجوم بري” يرفع سقف التكهنات إلى مستوى جديد تماماً، مما يعني تحركاً عسكرياً مباشراً قد يؤدي إلى اشتباكات مسلحة واسعة النطاق على الأراضي الفنزويلية، وهو ما يمثل نقلة نوعية في سياسة الضغط الأميركية.

تداعيات قرار بهذا الحجم

إن إقدام الولايات المتحدة على شن هجوم بري في فنزويلا سيكون له تأثيرات متعددة الأوجه، أبرزها:

  • الآثار الإقليمية: قد يزعزع الاستقرار في أميركا اللاتينية، ويواجه معارضة قوية من بعض الدول المجاورة التي تخشى من اتساع رقعة الصراع وتدفق اللاجئين.
  • الردود الدولية: من المتوقع أن يثير استنكاراً واسعاً من دول مثل روسيا والصين وإيران، التي لها مصالح في فنزويلا وتدعم نظام مادورو، مما قد يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي العالمي.
  • التحديات العسكرية: فنزويلا ليست دولة صغيرة، وقد يتحول التدخل إلى مستنقع طويل الأمد، خاصة مع الحديث عن دعم كوبي وروسي محتمل لنظام مادورو، بالإضافة إلى وجود ميليشيات مسلحة موالية للحكومة.
  • الوضع الإنساني: قد يؤدي أي صراع مسلح إلى تفاقم الأزمة الإنسانية القائمة، ويزيد من أعداد اللاجئين والنازحين داخلياً وخارجياً، مما يضع ضغوطاً هائلة على المنطقة والمجتمع الدولي.

في الوقت الراهن، تظل واشنطن حبيسة مفترق طرق حاسم. فالقرار ليس مجرد اختيار بين خيارين عسكري أو سياسي، بل هو تحديد لمستقبل منطقة بأكملها وربما للسياسة الخارجية الأميركية لعقود قادمة. وبينما يتواصل النقاش في أروقة السلطة الأميركية، يبقى العالم ينتظر الكلمة الفصل من ترامب، التي قد ترسم خطوطاً جديدة على خارطة النزاعات العالمية.

Scroll to Top