هل أنهى ترامب حقًا صراعًا إفريقيًا دام عقودًا؟
في مشهد دبلوماسي لافت، وقّع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيسا رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاقًا للسلام في واشنطن، زاعمًا أنهى بذلك حربًا امتدت لعقود في منطقة البحيرات العظمى بإفريقيا. لكن، وبينما احتفت الإدارة الأمريكية بهذا الإنجاز، تظل الشكوك قائمة حول قدرة الاتفاق على تحقيق الاستقرار الدائم في ظل استمرار الاشتباكات على الأرض.
جذور الصراع: تاريخ من التوترات
الصراع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا له جذور عميقة تعود إلى فترة ما بعد الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. فرّ العديد من الروانديين الهوتو المتورطين في الإبادة إلى الكونغو، وشكلوا جماعات مسلحة، مما أدى إلى سلسلة من الحروب الأهلية والتدخلات العسكرية المتبادلة. تفاقمت الأمور بسبب التنافس على الموارد الطبيعية الغنية في شرق الكونغو، مثل الكولتان والقصدير والذهب، والتي استغلتها مختلف الأطراف المتحاربة لتمويل صراعاتها.
تفاصيل الاتفاق: ما الذي تم التوقيع عليه؟
الاتفاق الذي تم التوقيع عليه يركز بشكل أساسي على معالجة قضايا الأمن، وتبادل السجناء، وتشجيع التعاون الاقتصادي بين البلدين. كما يتضمن بنودًا تتعلق بوقف دعم الجماعات المسلحة التي تعمل عبر الحدود. ومع ذلك، يفتقر الاتفاق إلى آليات تنفيذ واضحة ومحددة، وهو ما يثير قلق المراقبين.
تحديات التنفيذ: الواقع على الأرض
على الرغم من التوقيع على الاتفاق، تستمر أعمال العنف في شرق الكونغو. تنشط العديد من الجماعات المسلحة في المنطقة، بما في ذلك حركة 23 مارس (M23)، والتي تتهم رواندا بدعمها، وهو ما تنفيه كيغالي بشدة. هذا الوضع المعقد يجعل من الصعب تقييم مدى تأثير الاتفاق على أرض الواقع.
- الشكوك حول التزام الأطراف: هناك تساؤلات حول مدى التزام جميع الأطراف المعنية بالاتفاق، خاصة في ظل المصالح المتضاربة والاتهامات المتبادلة.
- غياب آليات الرقابة: لا توجد آلية رقابة مستقلة لضمان تنفيذ بنود الاتفاق بشكل كامل وفعال.
- الوضع الإنساني المتردي: تستمر الأزمة الإنسانية في شرق الكونغو، حيث يعاني الملايين من النزوح والفقر والجوع.
تحليل: هل هو بداية جديدة أم مجرد هدنة مؤقتة؟
في حين أن توقيع الاتفاق يمثل خطوة إيجابية نحو السلام، إلا أنه من السابق لأوانه الجزم بأنه يمثل نهاية حقيقية للصراع. يتطلب تحقيق الاستقرار الدائم معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك الفقر والظلم وغياب الحوكمة الرشيدة. كما يتطلب ذلك التزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف المعنية بالتعاون والتفاوض، بالإضافة إلى دعم دولي قوي ومستدام.
إن نجاح هذا الاتفاق يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف على تجاوز الخلافات التاريخية والتركيز على بناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة. وإلا، فقد يكون مجرد هدنة مؤقتة تتبعها موجة جديدة من العنف والدمار.