تتصاعد التكهنات حول تغيير محتمل في الاستراتيجية الأمريكية المتعلقة بقطاع غزة، حيث كشفت مصادر إسرائيلية لشبكة “سي إن إن” عن دراسة الإدارة الأمريكية لخيار “مثير للجدل”. يتمثل هذا الخيار في تجاوز مرحلة نزع سلاح حركة حماس والانتقال مباشرة إلى إعادة إعمار القطاع المدمر، وهي خطوة تثير غضباً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية وتطرح تساؤلات جدية حول مستقبل المنطقة.
تحول محتمل في الأولويات الأمريكية
يأتي هذا التفكير الأمريكي كتحول لافت عن المسار الذي رسمه مشروع القرار الأميركي المطروح حالياً أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي ينص صراحة على ضرورة نزع سلاح حماس كجزء أساسي من أي تسوية مستقبلية. إن مجرد دراسة هذا الخيار يشير إلى تعقيدات المشهد السياسي والأمني في غزة، وإلى ضغوط متزايدة لإيجاد حلول عملية وسريعة لمعالجة الكارثة الإنسانية التي يواجهها القطاع.
يعتقد بعض المحللين أن هذا التوجه قد يعكس إدراكاً أمريكياً للصعوبات الهائلة، إن لم تكن المستحيلة، التي قد تعترض عملية نزع السلاح الكامل لحركة بحجم حماس وتغلغلها في المجتمع الغزي. كما قد يكون جزءاً من محاولة لتخفيف التوترات الإقليمية وإطلاق عجلة الإعمار التي تعتبر حاسمة لاستقرار المنطقة على المدى الطويل. هذا التوجه قد يعطي الأولوية القصوى للتخفيف من المعاناة الإنسانية وإعادة بناء البنى التحتية المدمرة.
غضب إسرائيلي وتداعيات أمنية
الأنباء عن دراسة واشنطن لهذا الخيار قوبلت بغضب شديد في إسرائيل، التي تعتبر نزع سلاح حماس شرطاً لا غنى عنه لأمنها. فبالنسبة لتل أبيب، يمثل استمرار وجود حماس المسلحة تهديداً مباشراً لاستقرارها وأمن مواطنيها، وتخشى أن تؤدي أي عملية إعمار بدون تفكيك القدرات العسكرية للحركة إلى تمكينها وإعادة بناء ترسانتها. المصادر الإسرائيلية التي كشفت عن هذا التوجه لـ”سي إن إن” أكدت على عمق هذا القلق والرفض القاطع لأي سيناريو يبقي على قدرات حماس العسكرية.
ويرى المسؤولون الإسرائيليون أن تجاهل مسألة نزع سلاح حماس يعني إضفاء شرعية غير مباشرة على وضع الحركة كقوة مسلحة، مما يقوض الأهداف المعلنة للحرب ويترك فراغاً أمنياً خطيراً في المنطقة. وبالتالي، فإن أي تحرك أمريكي في هذا الاتجاه قد يوتر العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، وقد يدفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات أحادية الجانب لضمان ما تراه أمنها في حال شعرت بأن مصالحها الحيوية مهددة.
تحديات إعادة الإعمار بدون نزع السلاح
إذا ما تبنت واشنطن فعلاً هذا الخيار، فإنها ستواجه تحديات جمة على عدة مستويات. فكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يضمن أن أموال الإعمار والموارد لن تستغل لإعادة بناء القدرات العسكرية لحماس؟ وما هو الدور الذي ستلعبه الحركة في إدارة قطاع غزة في ظل عدم نزع سلاحها؟ هذه تساؤلات حيوية تتطلب إجابات واضحة لضمان نجاح أي خطة لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار المنشود، بعيداً عن تجدد الصراعات.
تبقى الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، ففي ظل التطورات المتسارعة على الساحة الفلسطينية والإقليمية، قد نشهد مزيداً من التغييرات في المواقف والتحالفات، بينما يظل مصير قطاع غزة وشعبه معلقاً بين مطرقة الواقع الأمني وسندان الحاجة الملحة إلى الإعمار.