في تصريح أثار صدى واسعاً في الأوساط اللبنانية والإقليمية، انتقد الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، الاثنين، بشدة السياسات الأميركية، متهماً واشنطن بممارسة “وصاية مباشرة” على لبنان. وجاء هذا الانتقاد في سياق حديثه عن ما وصفه بـ”التضييق المالي” المستمر الذي تمارسه الولايات المتحدة على حزب الله، وهي سياسات تحمل تداعيات عميقة على المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد.
اتهامات قاسم: “وصاية مباشرة” وتضييق مالي
تُشكل تصريحات قاسم امتداداً لمواقف سابقة لحزب الله تجاه الدور الأميركي في لبنان. فادعاء “الوصاية المباشرة” يعكس وجهة نظر الحزب بأن واشنطن تتجاوز حدود الدعم الدولي لتتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، محاولة فرض أجندتها من خلال أدوات الضغط المختلفة. ويُعد الضغط المالي أحد أبرز هذه الأدوات، حيث تستهدف الولايات المتحدة شبكات تمويل حزب الله وأفراده وكيانات مرتبطة به، بهدف الحد من قدراته العملياتية والمالية.
سياق العقوبات الأميركية على حزب الله
تعود جذور العقوبات الأميركية على حزب الله إلى تصنيف واشنطن للحزب كمنظمة إرهابية أجنبية منذ عام 1997. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت وتيرة هذه العقوبات لتشمل مجموعة واسعة من الأفراد والمؤسسات المالية التي يُشتبه في تقديمها الدعم للحزب. وتهدف هذه الإجراءات إلى تجفيف منابع تمويل حزب الله وتقويض بنيته التحتية المالية، مما يدفعه للبحث عن طرق بديلة للتحايل على هذه القيود.
وتستخدم واشنطن عدة آليات لتطبيق هذه العقوبات، منها:
- تجميد الأصول المصرفية للأفراد والكيانات المستهدفة.
- فرض قيود على التعاملات المالية الدولية مع أي طرف يُشتبه في صلته بالحزب.
- الضغط على المصارف اللبنانية والمؤسسات المالية العالمية لضمان الامتثال لهذه العقوبات، مما يضع القطاع المصرفي اللبناني في موقف دقيق وصعب.
تداعيات الأزمة على لبنان وحزب الله
إن التضييق المالي الأميركي لا يؤثر فقط على حزب الله بشكل مباشر، بل يمتد تأثيره ليطال الاقتصاد اللبناني ككل، الذي يعاني أصلاً من أزمة اقتصادية ومالية خانقة. فالمصارف اللبنانية تجد نفسها مضطرة للالتزام الصارم بالمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لتجنب العقوبات الأميركية التي قد تعزلها عن النظام المالي العالمي. هذا بدوره يزيد من صعوبة جذب الاستثمارات الأجنبية ويُعيق حركة الأموال الضرورية لإنعاش الاقتصاد.
من جانب حزب الله، يمثل هذا الضغط تحدياً مستمراً لعملياته وتمويله، إلا أن الحزب أظهر مرونة في التكيف مع هذه العقوبات عبر السنوات، مستخدماً شبكات بديلة وطرقاً غير تقليدية للحصول على الموارد. ومع ذلك، تبقى هذه الإجراءات عاملاً ضاغطاً على الحزب وقدرته على العمل في العلن، وقد تدفعه إلى مزيد من السرية في تعاملاته المالية.
يستمر الجدل حول فعالية هذه العقوبات في تحقيق أهدافها طويلة المدى، خصوصاً في ظل استمرار نفوذ حزب الله في المشهد اللبناني وتأكيد قيادته على مواجهة ما يعتبرونه تدخلاً أميركياً سافراً في سيادة لبنان وشؤونه الداخلية.