تصاعد التوتر: طهران تدفع حزب الله نحو “مراجعة الصبر الاستراتيجي”
في تطور يعكس تصاعدًا ملحوظًا في التوتر الإقليمي، دعت جهات نافذة في الحرس الثوري الإيراني حزب الله اللبناني إلى إعادة تقييم ما يُعرف بـ “الصبر الاستراتيجي” الذي تبناه في السنوات الأخيرة. يأتي هذا الضغط بعد اغتيال القائد العسكري البارز في حزب الله، هيثم الطبطبائي، في ضربة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو ما أثار غضبًا واسعًا في صفوف الحزب وأنصاره.
دعوات للانتقام وتغيير قواعد الاشتباك
لم تقتصر الدعوة الإيرانية على مجرد الثأر لاغتيال الطبطبائي، بل تعدتها إلى المطالبة بتغيير شامل في استراتيجية حزب الله. يرى بعض المسؤولين في الحرس الثوري أن “الصبر الاستراتيجي” قد أدى إلى إضعاف الردع الإسرائيلي، وتشجيع تل أبيب على مواصلة عملياتها العسكرية في المنطقة. وتشير مصادر إلى أن هناك خلافات داخلية في إيران حول مدى جدوى هذا النهج، وأن الضغوط المتزايدة على حزب الله تعكس رغبة في تبني موقف أكثر حزمًا.
ما هو “الصبر الاستراتيجي”؟
يشير مصطلح “الصبر الاستراتيجي” إلى سياسة تبناها حزب الله بعد الحرب الأهلية السورية، تركز على تجنب المواجهة المباشرة واسعة النطاق مع إسرائيل، والتركيز بدلاً من ذلك على بناء القدرات العسكرية وتوسيع النفوذ الإقليمي. كان الهدف من هذه السياسة هو الحفاظ على الاستقرار في لبنان، وتجنب اندلاع حرب مدمرة، مع الاستمرار في دعم حلفائه في المنطقة، وعلى رأسهم النظام السوري.
تداعيات محتملة وتحديات أمام حزب الله
إن مراجعة “الصبر الاستراتيجي” قد تحمل في طياتها تداعيات خطيرة على المنطقة. فإذا قرر حزب الله الانتقال إلى استراتيجية أكثر عدوانية، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد كبير في التوتر مع إسرائيل، وربما إلى اندلاع حرب شاملة.
- التحدي اللبناني: يواجه حزب الله تحديًا داخليًا كبيرًا في لبنان، حيث يعاني البلد من أزمة اقتصادية وسياسية حادة. أي تصعيد عسكري قد يزيد من تفاقم هذه الأزمة، ويؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.
- الموقف الإقليمي: قد يؤثر تغيير استراتيجية حزب الله على العلاقات الإقليمية، ويزيد من الانقسامات بين الدول العربية.
- الرد الإسرائيلي: من المتوقع أن ترد إسرائيل بقوة على أي تحرك عدواني من قبل حزب الله، مما قد يؤدي إلى حلقة مفرغة من العنف.
تحليل موجز
يبدو أن اغتيال هيثم الطبطبائي كان بمثابة نقطة تحول في العلاقة بين إيران وحزب الله. فالضغوط الإيرانية على الحزب تدل على أن طهران لم تعد راضية عن “الصبر الاستراتيجي”، وتريد أن ترى ردًا أكثر حزمًا على السياسات الإسرائيلية. يبقى السؤال هو ما إذا كان حزب الله سيستجيب لهذه الضغوط، وما إذا كان مستعدًا لتحمل المخاطر المترتبة على تغيير استراتيجيته.
الوضع يتطلب مراقبة دقيقة، وتحليلًا معمقًا، نظرًا للتداعيات المحتملة على الأمن والاستقرار في المنطقة.