هروب إلى الماضي: شباب بريطانيا يتجه نحو الحرف اليدوية في ظل صعود الذكاء الاصطناعي
في مشهد اقتصادي يتغير بوتيرة متسارعة، يجد شباب بريطانيا أنفسهم أمام خيار غير متوقع: الابتعاد عن الوظائف التقليدية التي تهددها الأتمتة والذكاء الاصطناعي، والتوجه نحو المهن الحرفية التي ظن البعض أنها في طريقها إلى الزوال. لم يعد الأمر مجرد هواية أو شغف، بل تحول إلى استراتيجية بحث عن الاستقرار الوظيفي في عالم يسيطر عليه الآلات.
الذكاء الاصطناعي.. شبح يهدد وظائف المستقبل
لم يعد الحديث عن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل مجرد تنبؤات مستقبلية، بل واقع ملموس. العديد من الشركات بدأت بالفعل في استبدال بعض الوظائف بالأنظمة الآلية، مما أثار مخاوف واسعة بين الشباب المقبلين على سوق العمل. هذا الواقع دفع مارينا ياروشينكو، وهي طالبة بريطانية، إلى إعادة التفكير في مسارها المهني والبحث عن خيارات تضمن لها مستقبلاً أكثر أماناً.
الحرف اليدوية.. ملاذ آمن؟
تتزايد أعداد الشباب البريطاني الذين يلتحقون بدورات تدريبية في مجالات مثل النجارة، والسباكة، والكهرباء، والحدادة، وغيرها من المهن الحرفية. يعزو الخبراء هذا التحول إلى عدة عوامل، أهمها:
- الطلب المتزايد: هناك نقص ملحوظ في الحرفيين المهرة في بريطانيا، مما يخلق فرص عمل جيدة ورواتب مجزية.
- مقاومة الأتمتة: المهن الحرفية تتطلب مهارات يدوية وإبداعية يصعب على الآلات تقليدها بشكل كامل.
- الاستقلالية: العديد من الحرفيين يفضلون العمل بشكل مستقل وريادة مشاريعهم الخاصة.
تحول في النظرة المجتمعية
لم يعد العمل في المهن الحرفية يعتبر خياراً ثانوياً أو حكراً على فئة معينة من المجتمع. بل أصبح يحظى بتقدير متزايد، خاصة مع تزايد الاهتمام بالجودة والمنتجات المصنوعة يدوياً. هذا التحول في النظرة المجتمعية ساهم في جذب المزيد من الشباب إلى هذه المهن.
تحديات تواجه هذا التوجه
على الرغم من الإيجابيات، إلا أن هذا التوجه يواجه بعض التحديات. من بينها:
- نقص التمويل: قد يواجه الشباب الراغبون في تعلم المهن الحرفية صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لدورات التدريب والأدوات.
- صورة نمطية سلبية: لا تزال هناك صورة نمطية سلبية مرتبطة بالعمل اليدوي في بعض الأوساط.
- الحاجة إلى تطوير المهارات: يجب على الحرفيين مواكبة التطورات التكنولوجية وتعلم مهارات جديدة لزيادة كفاءتهم.
مستقبل واعد؟
يبدو أن توجه الشباب البريطاني نحو المهن الحرفية هو استجابة طبيعية للتغيرات التي يشهدها سوق العمل. وبينما يواصل الذكاء الاصطناعي تقدمه، فإن المهارات اليدوية والإبداعية ستبقى ذات قيمة عالية. قد يكون هذا التحول بمثابة فرصة لإعادة إحياء المهن الحرفية التقليدية وبناء مستقبل اقتصادي أكثر تنوعاً واستدامة.