تحذيرات من أسلحة عصبية تغيّر الوعي والسلوك

هل نحن على أعتاب عصر “التحكم في العقول”؟ تحذيرات من أسلحة عصبية متطورة

لم يعد الأمر مجرد سيناريو في أفلام الخيال العلمي. فكرة التلاعب بالعقل البشري، أو “التحكم في العقول”، تخرج ببطء من نطاق التخمينات إلى حقيقة علمية مرعبة. خبراء في مجالات الأعصاب والتكنولوجيا يحذرون من أن التقدم المتسارع في العلوم العصبية قد فتح الباب أمام تطوير أسلحة قادرة على تغيير الوعي والسلوك البشري، وهو ما يثير قلقًا أخلاقيًا وقانونيًا عميقًا.

ما هي هذه الأسلحة العصبية؟

لا يتعلق الأمر بزر واحد يضغط عليه شخص ما للسيطرة على الآخرين. بل تتضمن هذه الأسلحة مجموعة متنوعة من التقنيات التي تستهدف الدماغ مباشرة. تشمل هذه التقنيات:

  • التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS): تقنية تستخدم مجالات مغناطيسية لتحفيز أو تثبيط نشاط مناطق معينة في الدماغ.
  • التحفيز الكهربائي عبر الجمجمة (tDCS): تقنية مشابهة تستخدم تيارًا كهربائيًا ضعيفًا.
  • الموجات فوق الصوتية المركزة: تستخدم موجات صوتية عالية التردد لتعديل نشاط الدماغ.
  • الأسلحة النفسية: تقنيات تستخدم الضوضاء أو الضوء أو المواد الكيميائية للتأثير على الحالة النفسية.

الهدف من هذه التقنيات ليس بالضرورة السيطرة الكاملة على العقل، بل التأثير على العمليات الإدراكية والعاطفية، مثل المزاج، والذاكرة، والتركيز، واتخاذ القرارات. وهذا التأثير، حتى لو كان طفيفًا، يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع.

تطبيقات محتملة ومخاطر جسيمة

بالطبع، هذه التقنيات لها تطبيقات طبية واعدة، مثل علاج الاكتئاب، ومرض باركنسون، وإعادة التأهيل بعد السكتة الدماغية. لكن الخطر يكمن في إساءة استخدامها لأغراض عسكرية أو سياسية. تخيلوا جيشًا يستخدم هذه الأسلحة لتعطيل قدرة العدو على المقاومة، أو حكومة تستخدمها لقمع المعارضة، أو جهات إجرامية تستخدمها للابتزاز والسيطرة على الأفراد.

هل نحن عاجزون أمام هذا التهديد؟

الخبراء يؤكدون على ضرورة إجراء المزيد من البحوث لفهم المخاطر المحتملة لهذه التقنيات، ووضع قوانين ولوائح صارمة تنظم استخدامها. كما يشددون على أهمية التوعية العامة بهذه القضية، حتى يتمكن الأفراد من حماية أنفسهم من التلاعب المحتمل. إن تطوير هذه الأسلحة يطرح أسئلة فلسفية عميقة حول طبيعة الإرادة الحرة والحرية الشخصية، ويجبرنا على إعادة التفكير في مفهوم الأمن القومي والأمن الشخصي في العصر الحديث.

السباق نحو تطوير هذه التقنيات مستمر، والسؤال ليس ما إذا كانت ستصبح حقيقة واقعة، بل متى وكيف سيتم استخدامها. الاستعداد لهذا الاحتمال هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق العلماء، وصناع السياسات، والمواطنين على حد سواء.

Scroll to Top