مأزق دمشق: واشنطن بين دعم “سوريا الجديدة” والحفاظ على تحالفها مع تل أبيب
في خضم تحولات جيوسياسية متسارعة، يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معضلة دبلوماسية معقدة في سوريا. فبين دعم حكومة الرئيس أحمد الشرع الصاعدة، التي تسعى لإرساء أسس “سوريا الجديدة”، والحفاظ على العلاقة الاستراتيجية الوثيقة مع إسرائيل، يجد البيت الأبيض نفسه على مفترق طرق. هذا التوازن الدقيق يمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الإدارة الأمريكية على الملاحة في مياه الشرق الأوسط المضطربة.
صعود “سوريا الجديدة” وتحدياتها
لم يشهد المشهد السوري استقرارًا منذ اندلاع الأزمة عام 2011. ومع ذلك، يشير ظهور الرئيس أحمد الشرع إلى محاولة لإعادة بناء الدولة السورية من جديد. هذه الحكومة الجديدة، وإن كانت لا تزال في مراحلها الأولى، تسعى إلى استعادة سلطة الدولة، وتحقيق مصالحة وطنية، وإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة. لكن هذا المسعى يواجه تحديات جمة، أبرزها معارضة داخلية، وتدخلات خارجية، ووجود قوى إقليمية ودولية تسعى لتقويض أي محاولة لتحقيق الاستقرار.
إسرائيل.. حليف استراتيجي لا يمكن تجاهله
لطالما كانت إسرائيل حليفًا استراتيجيًا رئيسيًا للولايات المتحدة في المنطقة. وتعتمد واشنطن على تل أبيب في العديد من القضايا الأمنية والسياسية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، ومواجهة النفوذ الإيراني. أي تغيير في السياسة الأمريكية تجاه سوريا قد يؤثر بشكل كبير على هذه العلاقة. فإسرائيل تنظر بقلق إلى أي تقارب أمريكي مع حكومة دمشق، خاصة إذا اعتبرت ذلك تهديدًا لأمنها القومي.
سيناريوهات محتملة: بين المسار السياسي والتسلط الإسرائيلي
تتجه الأنظار الآن نحو كيفية تعامل الإدارة الأمريكية مع هذا المأزق. هناك سيناريوهات متعددة محتملة:
- المسار السياسي: يمكن للولايات المتحدة أن تسعى إلى إيجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف، من خلال دعم جهود المصالحة الوطنية في سوريا، مع الحفاظ على علاقتها مع إسرائيل. يتطلب هذا السيناريو حوارًا مكثفًا مع جميع الأطراف المعنية، وتقديم ضمانات أمنية لإسرائيل.
- التسلط الإسرائيلي: قد تميل الولايات المتحدة إلى إعطاء الأولوية لعلاقتها مع إسرائيل، وتجاهل أو تقويض جهود حكومة الشرع. هذا السيناريو قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة السورية، وزيادة خطر التدخلات الخارجية.
- التقاعس: قد تختار الولايات المتحدة عدم التدخل بشكل مباشر، وترك الأمور تسير على طبيعتها. هذا السيناريو قد يؤدي إلى فراغ في السلطة، واستغلال القوى الإقليمية والدولية للموقف.
تداعيات القرار الأمريكي
القرار الذي سيتخذه الرئيس ترامب سيكون له تداعيات بعيدة المدى على مستقبل سوريا والمنطقة بأسرها. فإما أن يساهم في تحقيق الاستقرار والسلام، أو أن يزيد من حدة الصراع وعدم اليقين. إن إدارة هذا التوازن الدقيق تتطلب حكمة وبعد نظر، وقدرة على فهم تعقيدات المشهد السوري والإقليمي.
الوضع الحالي يمثل تحديًا حقيقيًا للسياسة الخارجية الأمريكية، ويضعها أمام اختبار صعب في منطقة تشهد تحولات عميقة.