من شراكة في الثورة إلى صراع دامٍ: قصة الجيش السوداني والدعم السريع
لم يكن أحد يتوقع أن تتحول القوات التي وقفت جنباً إلى جنب في أحداث ثورة ديسمبر 2018، وتحديداً الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلى طرفي نزاع مدمر يغرق السودان في أتون حرب أهلية. ففي الثالث من يونيو 2019، انقلبت المعادلة بشكل مأساوي عندما هاجمت قوة مشتركة من الطرفين ميدان اعتصام الثوار أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم، لتفتح بذلك صفحة سوداء من الجرائم والانتهاكات التي استمرت لسنوات.
جذور الصراع: من التحالف إلى التنافس
يعود تاريخ التحالف بين الجيش والدعم السريع إلى فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير، حيث لعبت الدعم السريع دوراً محورياً في قمع المعارضة ودعم نظام الحكم. ومع اندلاع الثورة، اتحد الطرفان للإطاحة بالبشير، لكن هذا التحالف كان هشاً بطبيعته، مبنياً على مصالح مشتركة مؤقتة. بعد الإطاحة بالبشير، بدأت بوادر الخلاف تظهر بين الطرفين حول مستقبل السلطة وتقاسم النفوذ، خاصة فيما يتعلق بدمج الدعم السريع في الجيش النظامي.
مذبحة القيادة العامة: نقطة اللاعودة
كانت مذبحة القيادة العامة في يونيو 2019 بمثابة نقطة اللاعودة في العلاقة بين الجيش والدعم السريع. فقد أسفرت هذه المذبحة عن مقتل وإصابة المئات من المتظاهرين السلميين، وأثارت غضباً واسعاً داخل وخارج السودان. اتهمت لجان المقاومة وقوى الثورة الدعم السريع بشكل خاص بالوقوف وراء المذبحة، بينما نفى الطرفان تورطهما بشكل مباشر، واكتفيا بتشكيل لجان تحقيق لم تكشف عن نتائج حاسمة حتى الآن.
تداعيات الحرب: معاناة المدنيين وتدهور الأوضاع
خلال الأعوام الست الماضية، تصاعدت التوترات بين الجيش والدعم السريع، واندلعت اشتباكات متقطعة في مناطق مختلفة من السودان. لكن المواجهات الحالية، التي بدأت في منتصف أبريل 2023، هي الأكثر عنفاً وتدميراً منذ سنوات. وقد أدت هذه الاشتباكات إلى مقتل آلاف المدنيين، وتشريد الملايين، وتدمير البنية التحتية، وتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
- الضحايا المدنيون: يشكل المدنيون الغالبية العظمى من الضحايا، حيث تتعرض المناطق السكنية للقصف والقنص بشكل عشوائي.
- النزوح واللجوء: اضطر ملايين السودانيين إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى الدول المجاورة بحثاً عن الأمان.
- الأزمة الإنسانية: يعاني السودان من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، مما يهدد حياة الملايين.
مستقبل السودان: هل من أمل في السلام؟
يبدو مستقبل السودان غامضاً في ظل استمرار القتال وتصاعد التوترات. تتطلب معالجة هذا الصراع جهوداً مكثفة من المجتمع الدولي، بالإضافة إلى حوار سوداني-سوداني شامل يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في البلاد. إن إنهاء هذه الحرب الدامية هو السبيل الوحيد لإنقاذ السودان من الانهيار وتوفير مستقبل أفضل لأجياله القادمة.