تصاعد التوتر: أزمة الميزانية تهدد الاستقرار داخل الجيش الإسرائيلي
في خضم التحديات الأمنية المتزايدة، يواجه الجيش الإسرائيلي أزمة داخلية صامتة، تتفاقم بسبب جمود المفاوضات مع وزارة المالية حول ميزانية الأمن لما بعد الحرب الجارية في غزة. هذا الخلاف، الذي يبدو بعيدًا عن الحل في الوقت الحالي، يثير تساؤلات حول قدرة الجيش على الاستعداد للمستقبل، ويضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام اختبار حاسم لكسر الجمود.
خلافات عميقة وجذور تاريخية
لم تظهر هذه الأزمة من فراغ، بل هي نتيجة تراكم خلافات قديمة بين الجيش ووزارة المالية حول أولويات الإنفاق العسكري. يرى الجيش أن الميزانية المقترحة لا تلبي احتياجاته المتزايدة، خاصة في ظل التهديدات المتعددة التي تواجهها إسرائيل، بما في ذلك التوترات على الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا، بالإضافة إلى التحديات المستمرة في الضفة الغربية.
الجيش يطالب بتخصيص ميزانية إضافية لتحديث الأسلحة والعتاد، وتعزيز القدرات الاستخباراتية، وتحسين جاهزية القوات، بينما تشدد وزارة المالية على ضرورة التقشف المالي، وتقليل الإنفاق الحكومي بشكل عام، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. هذا التباين في الرؤى أدى إلى توقف تام للحوار بين الطرفين، مما يزيد من حدة التوتر.
قرار نتنياهو: مفتاح الحل أم تعقيد الأمور؟
الآن، يترقب الجميع قرار نتنياهو، الذي يمتلك السلطة لفرض حل على الطرفين. لكن هذا القرار ليس سهلاً، فهو يواجه ضغوطًا من كلا الجانبين. فمن جهة، يجب عليه أن يدعم الجيش لضمان الأمن القومي، ومن جهة أخرى، يجب عليه أن يراعي الاعتبارات الاقتصادية، وأن يحافظ على استقرار المالية العامة.
- سيناريو التدخل المباشر: قد يقرر نتنياهو تخصيص ميزانية إضافية للجيش، إما من خلال زيادة الضرائب، أو من خلال تخفيض الإنفاق في مجالات أخرى.
- سيناريو التفاوض المشروط: قد يدعو نتنياهو الطرفين إلى استئناف المفاوضات، مع وضع شروط محددة، مثل تقديم الجيش خطة واضحة لترشيد الإنفاق، أو الموافقة على بعض التخفيضات في الميزانية.
- سيناريو المماطلة: قد يختار نتنياهو تأجيل اتخاذ قرار حاسم، على أمل أن تهدأ الأوضاع، أو أن يجد حلولًا أخرى.
تداعيات محتملة على الأمن القومي
إذا استمر الجمود، فقد يؤدي ذلك إلى تدهور في قدرات الجيش الإسرائيلي، وتأخر في الاستعداد للتهديدات المستقبلية. هذا الأمر قد يعرض الأمن القومي للخطر، ويضعف الردع الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الخلاف إلى انخفاض الروح المعنوية لدى الجنود، وزيادة الاستياء داخل الجيش.
الأزمة الصامتة داخل الجيش الإسرائيلي ليست مجرد خلاف مالي، بل هي اختبار حقيقي للقيادة الإسرائيلية، وقدرتها على التعامل مع التحديات الأمنية والاقتصادية في آن واحد. القرار الذي سيتخذه نتنياهو سيكون له تداعيات بعيدة المدى على مستقبل إسرائيل.